الخميس، 27 نوفمبر 2008

الجوانب المالية والاقتصادية في النظام الفيدرالي (2)





الجوانب المالية والاقتصادية في النظام الفيدرالي (2)

القاضي قاسم حسن العبودي
Saturday, 10 May 2008
ثانياً: الموازنة الفيدرالية وموازنات الأقاليم
ركزنا في القسم الاول من هذا البحث على الثروات الطبيعية كأول جانب من الجوانب المالية والاقتصادية في الدول الفيدرالية،
ونتطرق هنا الى الجانب الآخر الخاص بالموازنة الفيدرالية وموازنات الأقاليم..
يمكن تعريف الموازنة العامة بأنها (تقدير مفصل ومعتمد لنفقات الدول وإيراداتها لفترة زمنية لاحقة عادة ما تكون سنة واحدة وتحتاج إلى الإقرار من الجهة المخولة في الدولة لتصبح قابلة للتنفيذ)(1 ).
وتعتبر الموازنة واحدة من أهم الوثائق الحكومية لأنها تعكس سياسات الحكومة في مختلف القطاعات الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية وغيرها. وهناك العديد من المبادئ العامة التي يجب مراعاتها عند إعداد الموازنة العامة للدولة منها(2):
1. شمولية الموازنة : أي أن الموازنة العامة يجب أن تشمل جميع إيرادات الحكومة وإنفاقاتها فلا يكون مصروف للحكومة خارج الموازنة العامة ولا يتحقق أي إيراد لها إلا ويدرج ضمن الموازنة ويتطلب ذلك إفصاح وشفافية الأجهزة الحكومية.
2. وحدة الموازنة : أي أن تكون لكل دولة موازنة واحدة تحتوي على كل الإيرادات والنفقات إلا أن هذا لايعني عدم إمكانية وجود موازنات متعددة ضمن الدولة الواحدة، وانما يعني وجود موازنة واحدة تجمع كل هذه الموازنات الفرعية.
3. مبادئ عامة: مثل سنوية الموازنة، وضوحها، دقتها، توازنها.
إن الموازنة العامة كوثيقة تعكس السياسة المالية والنقدية للحكومة وتمثل أساس النشاطات المختلفة لها وتحظى الموازنة الحكومية بأهمية خاصة في الدول الفيدرالية بسبب تعدد المستويات الحكومية على المستوى العمودي والأفقي ويؤدي هذا التعدد في المستويات في معظم الأحيان إلى وجود ما يسمى (الفجوة المادية العمودية vertical fiscal gap) و(الفجوة المادية الأفقية Horizontal fiscal gap) وتتحقق الفجوة الأولى عندما يكون هناك خلل ناتج عن عدم التناسق بين إيرادات الحكومة الفيدرالية ومسؤولياتها الانفاقية، في حين تتحقق الثانية عندما يكون هناك خلل أو عدم تناسق بين إيرادات ونفقات كل حكومة من الحكومات المحلية، أي وجود أقاليم ذات إيرادات مرتفعة مقارنةً بالأقاليم الأخرى أو ذات نفقات مرتفعة مقارنةً بالأخرى أو أي من حالات عدم التوازن في الإيرادات والنفقات المحلية والإقليمية ولذلك تحاول الحكومات الفيدرالية تبني برنامج التكافؤ (equalization) بين الأقاليم الذي يستند إلى تعديل التحويلات الفيدرالية (federal - transfers) لتحقيق الفجوة الصغرى في كل إقليم، ويمكن مناقشة مكونات الموازنة الفيدرالية العامة من خلال الآتي :

أـ الإيرادات العامة :
وتمثل كل ما يتحقق للحكومة (الفيدرالية، حكومة الإقليم / الحكومة المحلية) من عوائد مالية نتيجة لتقديمها الخدمات المختلفة أو امتلاكها للموجودات والمصانع أو فرضها للضرائب والرسوم أو أي مصدر آخر للدخل وتواجه الدول الفيدرالية العديد من التحديات الاقتصادية في هذا الإطار، وأهمها تحديد مصادر الإيرادات بمستوياتها المختلفة . ففي هذا المجال يمكن تقسيم مصادر الإيرادات أو الدخل إلى الآتي :
1- إيرادات بيع الموارد الطبيعية التي تشمل كما اشرنا سابقاً الثروات الطبيعية من النفط والغاز، والمعادن، والمواد الخام، المياه وغيرها وقد فصلنا ذلك في مناقشتنا للثروات الطبيعية خصوصاً ما يتعلق بالنفط والغاز.

2- إيرادات الأملاك العامة (الدومين العام) وتشمل كل الموجودات التي تعود ملكيتها للحكومة كالأراضي، العقارات، الغابات والمزارع وغيرها من منشآت البنية التحية كالطرق والجسور وتتحقق عن هذه الملكية إيرادات مختلفة مثل الإيجارات، بيع حقوق الاستخدام الرسوم على استخدام الطرق والجسور وغيرها. وفي هذه الحالات يعود معظم هذا النوع من الإيرادات إلى حكومة الإقليم أو الولاية التي تمتلك المنشآت في أعلاه إذ تبلغ نسبة هذه الإيرادات في سويسرا 40% للإقليم (الكانتون) و36% للحكومة المحلية (الكوميون) و24% فقط للحكومة الكونفدرالية (33) أما في كندا فتبلغ 70% للمحافظة و30% للحكومة الفيدرالية(34). وهكذا ولكن هذا النوع من الإيرادات لا يشكل أهمية كبيرة في معظم الدول الفيدرالية نظراً لشيوع النظام الرأسمالي الذي يحد من الملكية العامة ويشجع على الملكية الخاصة.3- إيرادات بيع المنتجات والخدمات وهذا النوع من الإيرادات يتحقق من خلال قيام الحكومة بتقديم الخدمات للمواطنين أو بيعها لأنواع محددة من المنتجات الصناعية أو الزراعية المملوكة للحكومة وكما هو الحال في إيرادات الدومين العام، فإن معظم هذه الإيرادات تذهب لحكومات الأقاليم والحكومات المحلية إذ تبلغ نسبة هذه الإيرادات 52% على مستوى ال و42% على مستوى الكانتون و6% فقط على المستوى الكونفدرالي في سويسرا، كما تبلغ 85% على مستوى المحافظة و15% على المستوى الفيدرالي الكندي.


4- إيرادات الضرائب وتمثل أهم أنواع الإيرادات في معظم الدول الفيدرالية خصوصاً ذات الاقتصاديات الرأسمالية الصناعية، حيث تشكل معظم إيرادات الحكومات المختلفة التي تصل نسبتها إلى أكثر من 90% في دول مثل الولايات المتحدة / كندا، سويسرا / استراليا، اليابان وغيرها من الدول الصناعية (3 ).

وهنا تبرز أكثر المسائل تعقيداً وهي التي ترتبط بتحديد الأوعية الضريبية المختلفة، الحدود العليا والدنيا، الضرائب الفيدرالية، الإقليمية، المحلية وغيرها من المسائل الشائكة. وقد تعاملت كل دولة فيدرالية بطريقة تختلف عن الدول الأخرى إلى حد ما في هذا المجال ولكن على الأغلب يتم تحديد أنواع الضرائب وهي محدودة على أية حال كالضريبة على الدخل و ضرائب الاستهلاك، والضرائب العقارية، وضريبة الطاقة وغيرها من خلال الدستور أو القوانين الفيدرالية اذ يتم تحديد الضرائب على المستوى الفيدرالي كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، سويسرا، استراليا وألمانيا ويترك المجال للولايات أو المحافظات أو الكانتونات لتحدد الضرائب على مستواها الإقليمي وفقاً لشروط محددة ينص عليها الدستور والقوانين.

ويتسع المجال ليشمل حرية المستويات الحكومية الأدنى على مستوى الكوميون السويسري والجيميدن (Gemeiden) الألماني لفرض أنواع أخرى من الضرائب المحلية وكما قلنا فأن الحدود الدنيا والعليا لكل نوع من أنواع الضرائب، فضلاً عن عائدية إيراداتها تختلف باختلاف الدول الفيدرالية، إذ تشكل ضريبة الدخل 20% من إيرادات المحافظات الكندية و48% من إيرادات الحكومة الفيدرالية الكندية، في حين تشكل 20% من إيرادات الولايات الاسترالية و53% من إيرادات الحكومة الفيدرالية الاسترالية و41% من إيرادات الكانتونات السويسرية و34% من إيرادات الكوميونات و25% من إيرادات الحكومة الكونفدرالية السويسرية .

وينص الدستور السويسري على أنواع الضرائب الخاصة بالحكومة الكونفدرالية ولايمكن للحكومة الكونفدرالية فرض أي نوع آخر من الضرائب ما لم ينص الدستور عليها وقد تكون بعض أنواع الضرائب مشتركة أو متشابهة مثل ضريبة الدخل على المستوى الكونفدرالي ومستوى الكوميون وعندها يتم الالتزام بالحد الأعلى المسموح به للضريبة وفقاً للدستور وإذا أرادت الحكومة الكونفدرالية فرض ضرائب جديدة أو زيادة الحدود العليا للضرائب المنصوص عليها دستورياً فإنها ستكون بحاجة الى تعديل دستوري.

أما على مستوى الكانتون فهو حر في فرض أي أنواع جديدة من الضرائب ماعدا محدِد أو قيد وحيد وهو أن لاتكون هذه الضريبة خاصة بالحكومة الكونفدرالية وفقاً للدستور كما يكون الكانتون حراً في تحديد تفاصيل الضريبة وتعديل مستوياتها ويشترك الجمهور عادة في هذه العملية من خلال التصويت المباشر وتستمر تفاصيل النظام الضريبي السويسري على مستوى الكوميون إذ يتم تحديد حصة كل كوميون من ضريبة الكانتون على شكل نسبة مئوية من الضريبة تختلف باختلاف نوع الضريبة وباختلاف الكانتونات ويمكن تعديل ذلك سنوياً. علماً ان سويسرا تضم 26 كانتوناً وأكثر من 3000 كوميون. في حيث يتم توزيع الضرائب في المانيا بحسب المستويات الحكومية الثلاث الحكومة الفيدرالية Band، والولايات Lander والحكومة المحلية Gemeidenووفقاً لمستويات محددة قانونياً، فهناك 75% من الضرائب المشتركة shared taxes بين المستويات الثلاث بينما 25% من الضرائب تكون خاصة own taxes بالحكومات على مستوى الولايات والحكومات المحلية(4 ).ان الاختلاف في معدلات الضريبة على مستوى الأقاليم والمحليات قد يخلق مشاكل كثيرة تتمثل بهجرة رؤوس الأموال والأفراد من المناطق ذات الشريحة الضريبية الأعلى إلى المناطق ذات الشريحة الضريبية الأدنى مما يؤدي إلى خلق نوع من عدم التناسق الاقتصادي أو التمايز الطبقي وهو ما تحاول أن تقضي عليه كل النظم الفيدرالية عن طريق إعادة توزيع الدخول ونظام التكافؤ(37) الذي سنتناوله بنقاش خاص لاحقاً.

وهكذا تكون لدينا إيرادات على مستوى الحكومة الفيدرالية، الحكومة الإقليمية والحكومة المحلية وتتجمع هذه الإيرادات لتشكل الوعاء الأساس لنشاطات كل حكومة ونظراً لاختلاف الأنظمة الضريبية واختلاف مصادر الدخول على كل مستوى من المستويات المشار إليها في أعلاه فأن إيرادات كل مستوى حكومي ستكون مختلفة، إذ تشكل الإيرادات المحلية ما نسبته 66% من مجموع إيرادات الولايات الاسترالية في حين تشكل 71% من مجموع إيرادات المحافظات الكندية (37) وهذا ما يشير إلى الاستقلالية الأكبر للمحافظات الكندية، فهناك علاقة طردية بين درجة الحرية الفيدرالية وبين نسبة الإيرادات المحلية المتحققة لكل إقليم أو ولاية والعكس صحيح، فكلما كانت درجة المركزية أعلى كما كانت الإيرادات الفيدرالية اكبر ويوضح الشكل الآتي هذه العلاقة:

(حصة الحكومة الفيدرالية من العوائد الخاصة)

ومن خلال الشكل في أعلاه نستطيع الاستنتاج بأن درجة المركزية في الولايات المتحدة الأمريكية هي اكبر من مثيلاتها الكندية والسويسرية أي أن الحكومات المحلية والإقليمية في كل من كندا أو سويسرا تمتلك حقوقاً مالية اكبر مقارنةً بالولايات الاسترالية والأمريكية ولذلك نجد ان الحكومات الفيدرالية لا تحظى الا بنسب منخفضة نسبياً من الدخل في كندا وسويسرا مقارنةً بالولايات المتحدة الأمريكية وهذا الأمر يؤدي إلى تحمل الحكومات المحلية لمسؤوليات مالية اكبر تماشياً مع حقوقها المالية وهذا ما سنعرضه في الجانب الثاني من الموازنات الفيدرالية وهو النفقات.

ب ـ النفقات العامة : وهي كل مصروف حكومي ينفق وفقاً للقانون وتحقيقاً لمصلحة عامة (38) وتتنوع أوجه الإنفاق الحكومي في الدول البسيطة والفيدرالية وكما هو الحال مع الإيرادات يمكن تقسيم النفقات وفقاً لتبويبات مختلفة وكالآتي(39):
1- التبويب الإداري : يتم على أساس توزيع النفقات على الوحدات الإدارية داخل الدولة فتوزع الاعتمادات على الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى وتحدد وفقاً لهذا التبويب مسؤولية الوحدة الإدارية بالصرف في ضوء الحدود المتفق عليها في الموازنة.

2- التبويب القطاعي: يستخدم هذا التبويب لتوضيـح تقسيم النفقات حسب الاستخدام إذ يتم تحديد النفقات الخاصة بقطاع التعليم، وقطاع الصحة، والقطاع الصناعي بغض النظر عن توزع هذه الأنشطة بين الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة.

3- التبويب الاقتصادي : يتـم تبويب النفقات على أساس نوع النفقة إذا كانت جارية أو رأسمالية (استثمارية)، ويمكن تمييز النفقة الجارية عن الاستثمارية كونها دورية ومتكررة خلال مرحلة الموازنة كالراتب والمستلزمات السلعية والخدمية وقطع الغيار ونفقات الصيانة وغيرها بينما تكون النفقة الاستثمارية متحققة لمرة واحدة مثل بناء مصنع او محطة طاقة كهربائية، كما أن الأولى ذات إنتاجية منخفضة على عكس الثانية وتوجه النفقات الاستثمارية نحو البنية التحتية من الإنشاءات والتعمير والموجودات الإنتاجية.

4- التبويب الإقليمي (الجغرافي) : وهو التبويب الذي يفصل بين النفقات العامة للحكومة المركزية الفيدرالية في جهاز الدولة والنفقات العامة للإدارات والحكومات الإقليمية والمحلية وهذا النوع من التقسيم هو الذي يهمنا هنا على الرغم من تداخل التقسيمات والتبويبات في اغلب الموازنات الفيدرالية، إذ يمكن أن تجمع الموازنة بين أكثر من نوع واحد من التبويبات أي أن تكون مبوبة حسب الأقاليم وفي نفسه الوقت بحسب القطاعات أو الوزارات وهكذا.

وبالعودة للتبويب الإقليمي للنفقات العامة، فأن الدول الفيدرالية واستناداً الى دساتيرها او قوانينها المالية المختلفة اختلفت في تحديد طريقة توزيع النفقات بين الحكومة الفيدرالية والأقاليم، إلا انه وبصورة عامة يمكن أن نرصد التقييم الآتي للنفقات من خلال التجارب الفدرالية التي تناولناها في الدراسة :
1- النفقات على المستوى الفيدرالي: وهي النفقات ذات الطبيعة العامة والمرتبطة بالبلد ككله مثل نفقات الدفاع، والضمان الاجتماعي، ونفقات الموظفين الفيدراليين ونفقات بعض المشاريع الفيدرالية ذات النفع العام التي تختلف باختلاف الدول الفيدرالية.
2- النفقات على مستوى الحكومات الإقليمية والمحلية : وهي كل النفقات الخاصة بالإقليم والحكومة المحلية التي ترتبط بالسكان المقيمين في هذا الإقليم كالتعليم، والصحة ، والقضاء وغيرها من المشاريع الخدمية.
3- النفقات المشتركة: وهي نوع خاص من النفقات لبعض المشاريع الخاصة التي تشترك فيها الحكومة الفيدرالية مع حكومة الإقليم أو عدد من حكومات الأقاليم لتنفيذ المشروع وبنسب إنفاق مختلفة يتم الإنفاق عليها بين المستويات الحكومية المختلفة.

وإذا عدنا للتجارب الفيدرالية، فأن الحكومة الفيدرالية في ألمانيا تكون مسؤولة عن النفقات ذات الطبيعة العامة المرتبطة بالبلد ككله مثل النقل العام، الخدمات الاجتماعية الأمن الفيدرالي، في حين تكون الحكومات على مستوى اللاندر مسؤولة عن تحمل كافة نفقاتها العامة المتعلقة بتقديم الخدمات في الولاية مثل التعليم، الصحة، القضاء وغيرها، أما المستوى المحلي فتكون حكوماته مسؤولة عن النفقات الخاصة ببناء الشوارع، المدارس، الخدمات الصحية المحلية، الطاقة وغيرها من الخدمات المحلية وهناك تداخل واضح بين النفقات على المستويات الثلاث من الناحية التطبيقية ولذلك يتم حل التعارض في أية حالة من حالات الانفاق عن طريق الآليات الحكومية المعتمدة مثل مجلس وزارة المالية للولايات وغيرها من الآليات.

وتساهم الحكومة الفيدرالية في تمويل ما نسبته 50 – 60% من بعض المشاريع المشتركة في الولايات مثل بناء الجامعات، والبنية الاقتصادية المحلية والمشاريع الزراعــية( 5).

أما في سويسرا فتتحمل الحكومة الفيدرالية ما نسبته 100% من نفقات الشؤون الخارجية وأكثر من 90% من نفقات الدفاع الوطني و49% من نفقات النقل والطرق وبحدود 33% من إجمالي النفقات العامة في سويسرا أما حكومة الكانتونات فتتحمل ما نسبته 66% من نفقات الخدمات العامة التي تتضمن الشرطة، والقضاء، والإطفاء وغيرها و38% من خدمات الضمان الاجتماعي كالتأمين الصحي والمساعدات الاجتماعية و58% من الخدمات الصحية وما نسبته 41% من إجمالي النفقات في سويسرا وأما الكوميون فهو الآخر يتحمل ما نسبته 51% من النفقات الثقافية والرياضية و40% مـن النفقات الصحية و61% مــــن نفقات حماية البيئة أو ما مجموعه 27% من النفقات الإجمالية في سويسرا. أما الحكومات المحلية فتتحمل 73% من مجموع نفقاتها في حين تتحمل الحكومية المركزية 27% من مجموع النفقات فقط( 6).

وهكذا فالصيغة العامة للنفقات لمعظم التجارب الفيدرالية تركز على الآتي :
1- فصل النفقات العامة ذات الطبيعة الفيدرالية عن تلك النفقات ذات الطبيعة الأكثر خصوصية التي ترتبط بالولاية أو المجتمع المحلي.
2- تحديد نسبة مساهمة كل مستوي من المستويات الحكومية في تمويل كل نوع من أنواع النفقات.
3- بعض النفقات تتحملها الحكومة الفيدرالية منفردة مثل الدفاع / الشؤون الخارجية أما البعض الآخر فتتحملها الحكومات الإقليمية أو الحكومات المحلية وفقاً لقوانين كل دولة فيدرالية.
4- هناك العديد من المشاريع المتداخلة التي لايمكن الفصل فيها عملياً بين المستويات الحكومية لذلك يتم تمويلها بصورة مشتركة من لدن هذه المستويات.
وكما هو الحال مع الإيرادات فأن توزيع النفقات بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم يتناسب بصورة طردية مع زيادة درجة اللامركزية فكلما كانت درجة اللامركزية اكبر كانت نسبة النفقات ذات الطبيعة الخاصة (نفقات محلية من إيرادات محلية) اكبر والعكس صحيح ويوضح الشكل الآتي:

نسبة مساهمة الحكومة المركزية في النفقات المباشرة

ويتضح من خلال الشكل في أعلاه بان درجة اللامركزية في كل من كندا وسويسرا هي اكبر من درجة اللامركزية في الولايات المتحدة واستراليا.

وتجدر الإشارة إلى أن الصين وعلى الرغم من أنها دولة غير فيدرالية والنظام الاقتصادي هو نظام اشتراكي يتبع التخطيط المركزي الا انه اخذ يتجه وبسرعة نحو اللامركزية الاقتصادية، وقد أصبحت المقاطعات الصينية في السنوات الاخيرة اكثر تحررا مما سبق بحيث وصل الامر ان تساهم الحكومة المركزية الصينية 27% فقط من نفقات الحكومات المحلية للمقاطعات عام 1996 وهي الادنى مقارنة بالنماذج الفيدرالية المذكورة سابقاً وقد ساهم ذلك بشكل كبير في نمو وتطور الاقتصاد الصيني(7 ).

...........................
مصادر القسم الثاني
1 . د. العلي ، ماجد محمد (الثروات الطبيعية في العراق ) ، مطبعة الموصل ، العراق 199.
2 . موازنة العراق للعام 2006 ، وزارة الملية.
3 . دستور جمهورية العراق الدائم ، الجمعية الوطنية العراقية ، اب 2005
4 . متولي ، محمد سعيد ، الموازنات الكومية ، الاهرة ، مطبعة القاهرة 1985.
5 . Steven ، Rose ،M. Public Finance ، New York ، 1993
6 . www.fdk_cdf.ch (Ibid)
7Stewart، K.(The Fiscal olicy in Canda)،
www.Fedalismnetwork.net

ليست هناك تعليقات: