الخميس، 27 نوفمبر 2008

قراءة في قانون الانتخابات رقم 96 لسنة 2004

قراءة في قانون الانتخابات رقم 96 لسنة 2004

القاضي قاسم حسن العبودي
بتاريخ 15 حزيران 2004 أصدر الحاكم المدني للعراق بول بريمر الأمر رقم 96 لسنة 2004 الذي شرع بموجبه قانون الانتخابات للجمعية الوطنية.
يقع القانون في ثمانية أقسام، يتناول القسم الأول الهدف منه و(هو انتخاب المجلس الوطني العراقي للمرحلة الانتقالية) وخالف بذلك التسمية التي اعتمدها قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي سماه (الجمعية الوطنية)، أما القسم الثاني فقد تعرّض لتعريف المصطلحات الواردة وعددها سبعة وهي (المفوضية العليا، الحكومة العراقية المؤقتة، الحكومة العراقية الانتقالية، المجلس الوطني، قانون الأحزاب والكيانات السياسية، الكيان السياسي، الحد الطبيعي ) بينما تناول القسم الثالث نظام التمثيل داخل المجلس وهو القسم الأكثر احتياجا للإيضاح والتفسير، وسنحاول في هذه الورقة المتواضعة إعطاء تفسير شخصي غير رسمي لما جاء من أحكام في هذا القانون.
اعتمد القانون نظام التمثيل النسبي، وهو عادة ما يطبق مع الدوائر الانتخابية واعتبر القانون العراق منطقة انتخابية واحدة، ونص على توزيع المقاعد وعددها 275 مقعداً على الكيانات السياسية المصادق عليها من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفقاً لما جاء بالأوامر 92 و96 و97 الصادرة عن سلطة الائتلاف.
وقد تم تعريف الكيان السياسي وفق الأمر 97 (هو أي منظمة بما في ذلك أي حزب سياسي يتكون من ناخبين مؤهلين يتآزرون طواعية على أساس احتكار أو مصالح مشتركة، بهدف التعبير عن مصالحهم لنيل النفوذ، وتمكين مندوبيهم من ترشيح أنفسهم لمنصب عام، كما قد تعني الكيان السياسي شخصاً واحداً بمفرده ينوي ترشيح نفسه لانتخابه في منصب عام، شريطة حصول ذلك الشخص على المصداقية الرسمية ككيان سياسي من قبل المفوضية) ويستلزم المصادقة على ذلك الشخص حصوله على (500 توقيع من ناخبين مؤهلين).

نظام التمثيل النسبي
يعتبر نظام التمثيل النسبي من النظم الانتخابية الحديثة في العالم، إذ ان عمره لا يتجاوز القرن وقد اعتمد في كثير من الدول ذات الأنظمة النيابية والتعددية الحزبية، وهو يتيح خلافاً لنظام الأغلبية بنوعيه (ذي الدور الواحد، وذي الدورين) للأحزاب الصغيرة تمثيلاً في البرلمان مع حجمها.
وللمزيد من الإيضاح أسوق المثل الاتي:
إذا كان هناك في دائرة انتخابية معينة 10000 ناخب وكان القاسم الانتخابي أي نسبة عدد السكان إلى المقعد الواحد (1 إلى 1000) وحصلت القائمة أ على 4500 صوت، والقائمة ب على 2200 صوت، والقائمة ج على 1300 صوت، والقائمة د على 1000 صوت ففي هذه الحالة تحصل القائمة أ على جميع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية وتهمل باقي القوائم، حسب نظام الاغلبية .
أما وفق نظام التمثيل النسبي، فإذا كانت المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية السابقة 10 مقاعد فتحصل القائمة أ على أربع مقاعد وتحصل القائمة ب على مقعدين وتحصل القائمة ج على مقعد واحد والقائمة د على مقعد واحد واحد أيضاً، أما بالنسبة للمقعدين الشاغرين فيوزعان حسب أكبر المتبقي فتحصل القائمة أ مقعد واحد كون هذه القائمة لديها أكبر المتبقي وتحصل القائمة ج على المقعد الشاغر الأخير لأنها تضم أكبر المتبقي بعد القائمة أ.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن المشرع أخذ بطريقة أكبر لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الأقليات والكيانات السياسية الصغيرة للحصول على مقاعد في الجمعية الوطنية ولم يأخذ بطريقة أكبر المتوسطات ولا حتى بطريقة (دي هونت)([1]) لأن من شأن الأخذ بهاتين الطريقتين أن يؤديا إلى استحواذ الأحزاب والكيانات السياسية الكبيرة على المقاعد الشاغرة.
وقد حصرنا المثل السابق في نظام القائمة، كونه النظام الذي اعتمده هذا القانون، والقائمة على نوعين اما أن تكون مفتوحة أو مغلقة.
القائمة المفتوحة التي يكون فيها للناخب حرية انتقاء أسماء مرشحين من قوائم مختلفة وتكوين قائمة خاصة به يصوت لها، أما وفق القائمة المغلقة فليس للناخب إلا أن يصوت للقائمة بكل مافيها من أسماء.

عيوب ومزايا نظام التمثيل النسبي
لعل من أهم عيوب هذا النظام، أنه يؤدي إلى تكاثر التنظيمات الحزبية وزيادة تمحورها حول قيادتها، والتي تتجه غالباً إلى خلق التحالفات فيما بينها لتقوية مركزها وتشكيل قوة ضاغطة لأجل تحقيق مصالحها، مما قد يفقد البرلمان دوره الأساسي من كونه يمثل المصالح الشعبية إلى مجرد أداة تستعمل لصالح رؤساء الكتل الحزبية،وهذا ينعكس بدوره على بناء الحكومة وفاعليتها، حيث تستند الحكومة في ظل هذا النظام على أكثرية متحالفة ضعيفة البنيان وينعدم فيها الانسجام.
ولغرض تمكين القوى الفاعلة الحقيقية ذات التأييد الواسع هناك قاعدة لابد من الأخذ بها في نظام التمثيل النسبي وهي قاعدة المعدل الانتخابي أو كتسمية غير رسمية (خط الشروع) وهو عدد الأصوات التي يجب أن تحصل عليها كل قائمة لغرض التنافس على المقاعد والذي سماه قانون رقم (96) بالحد الطبيعي ويحسب بحسب القانون بقسمة إجمالي عدد الأصوات الصحيحة على 275 وهي عدد المقاعد والناتج من ذلك هو ما يسمى بالحد الطبيعي أو المعدل الانتخابي، وبالتالي فان أي قائمة لا تحصل على هذا الناتج تهمل ولا تحصل على أي مقعد داخل البرلمان، وبعد فرز الأصوات وتوزيع المقاعد على القوائم وفق الحد الطبيعي المذكور فإن ما تبقى من مقاعد شاغرة يوزع حسب هذا القانون على أكبر المتبقي، وبذلك قد تعود للمنافسة القوائم التي أهملت والتي لم تحصل على الحد الطبيعي إذا كان لديها أكبر متبقي لشغل مقعد واحد.
أما مزايا هذا النظام فإنها تفوق عيوبه، إذ هو يتيح فرصة أكبر لمشاركة مختلف التيارات السياسية، حيث تتمكن معظم الأحزاب من المشاركة في المقاعد البرلمانية بقدر حصيلة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات، وهو ما يجعل هذا النظام أكثر عدالة وضماناً لحقوق الأقليات والأحزاب الصغيرة، في المشاركة في الشؤون العامة في بلادها، فهو النظام الذي يمكّن الأقلية من التعبير عن وجهات نظرها.

عيوب ومزايا الدائرة الانتخابية الواحدة
بلا شك ان نظام الدوائر المتعددة يتيح للناخب معرفة المرشحين كونهم من دائرته أي المنطقة التي يصوت فيها على عكس نظام الدائرة الواحدة قد يصوت فيها الناخب لأشخاص لا يعرفهم.
أما مزايا الدائرة الواحدة فانها تنأى بالمرشح من أن يكون مديناً لدائرة انتخابية بعينها، فيعمل لتحقيق مصالح جزئية داخل المجلس وتغليبها على المصالحة العامة، وحيث انه مرشح من قبل العراق كله فهو مدين لكافة أبناء الشعب الذين انتخبوه.

انتخابات الجمعية الوطنية مباشرة وغير مباشرة
وتجدر الاشارة إلى أن انتخابات المجلس الوطني أو الجمعية الوطنية ستأخذ بنوعي الانتخاب المباشر وغير المباشر، فهي مباشرة من حيث ان الناخبين يقترعون لانتخاب أعضاء الجمعية الوطنية، وغير مباشرة كونهم لا ينتخبون الهيئة الرئاسية وانما ستنتخب من قبل أعضاء الجمعية الوطنية.
ومن أمثلة الانتخابات غير المباشرة، هو النموذج الأمريكي في انتخاب الرئيس الأمريكي، إذ يصوت الناخبون في كل ولاية لعدد من الأشخاص مساوٍ في العادة لعدد ممثليها في الكونغرس وهؤلاء بدورهم ينتخبون الرئيس.

التمثيل النسوي في الجمعية الوطنية
اشترط قانون إدارة الدولة العراقية أن تتمثل المرأة بحد أدنى لا يقل عن ربع أعضائه، وتماشياً مع قانون إدارة الدولة اشترط هذا القانون أن تكون المرأة ضمن أسماء ثلاث مرشحين في القائمة، أو أن يكون ضمن أسماء أول ستة مرشحين على القائمة اسم امرأتين، أي قد يصبح عدد النساء في القائمة الواحدة التي تبلغ الحد الأقصى 275 اسماً 92 امرأة تقريباً، وقد اشترط القانون أن لا يقل عدد أسماء المرشحين في القائمة عن 12 مرشحاً ولا يزيد على 275 مرشحاً، علماً أن هذا الشرط لم ينطبق على القائمة التي تضم اسماً واحداً فقط والتي تعتمدها المفوضية كياناً سياسياً.

حق التصويت
اشترط القانون في القسم الخامس عدد الشروط في الناخب، أن يكون مواطناً عراقياً أوان يكون له حق المطالبة بالجنسية العراقية، أومؤهلاً لاكتساب الجنسية العراقية وذلك تماشياً مع المادة 11 من قانون إدارة الدولة العراقية، علماً انه ورد خطأً تعبير( من القانون الإداري ) والصحيح هو( قانون إدارة الدولة العراقي)، وأن يكون الناخب قد أتم الثامنة عشر من عمره، وأن يكون مسجلاً للإدلاء بصوته وفقاً للإجراءات الصادرة عن المفوضية وقد أتاح هذا القانون فرصة التصويت لقطاع كبير من العراقيين ممن سحبت عنهم الجنسية العراقية وفقاً لقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 666 لسنة 1980 الذي ألغي بموجب قانون إدارة الدولة.

شروط الترشيح
لم يتعرض القانون للشروط الواجب توفرها للمرشح، وإنما ترك الأمر للمادة 31 من قانون إدارة الدولة، إضافة لما أضافته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من شروط:
•1. أن يكون عراقياً ولا يقل عمره عن 30 سنة.
أن لا يكون عضواً في حزب البعث المنحل بدرجة عضو فرع أو أعلى إلا إذا استثني حسب القواعد القانونية سارية المفعول.
إذا كان في الماضي عضواً في حزب البعث المنحل بدرجة عضو عامل عليه أن يوقع وثيقة براءة من حزب البعث، يتبرأ من كافة ارتباطاته السابقة قبل أن يحق له الترشيح، وأن يقسم على عدم التعامل والارتباط بمنظمات حزب البعث، وإذا ثبت في محكمة ما أنه كان كاذباً أو متحايلاً بهذا الشأن، فإنه يفقد مقعده في الجمعية الوطنية.
أن لا يكون أثرى بشكل غير مشروع على حساب الوطن والمال العام.
أن لا يكون محكوماً عليه بجريمة مخلة بالشرف، وأن يكون معروفاً بالسيرة الحسنة.
أن يكون حاملاً لشهادة الدراسة الثانوية أو ما يعادلها في الأقل.
أن لا يكون من منتسبي القوات المسلحة عند الترشيح.
تسري نفس الشروط على المرشحين لانتخابات مجالس أي محافظة بشرط أن يكون المرشحون إضافة لما ذكر أعلاه، من سكنة تلك المحافظة.

وأضافت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الى هذه الشروط إيداع المرشح مبلغ (مليون وخمسمائة ألف دينار) فيما يخص القائمة التي تضم شخصاً واحداً و(سبعة ملايين ونصف) فيما يخص القائمة التي تضم أكثر من أسم واحد، وهو شرط مهم جرت عليه العادة في معظم الدول والغرض منه التأكد من جدية المرشح في خوض الانتخابات، وقد بينت المفوضية في أحد أنظمتها ضرورة اشتراط حصول المرشح على (50%) من عدد الأصوات اللازمة للحصول على مقعد واحد، كشرط لاسترجاع المبلغ المذكور ، وفي حالة عدم تحقق ذلك يورد المبلغ إيراداً للخزينة، كما اعتبر المبلغ المذكور نوعاً من التأمينات يقدمها المرشح تستقطع منها المفوضية مبالغ حسب الغرامات التي قد توجه للمرشحين، إضافة إلى بعض الشروط..

[1] رياضي بلجيكي ابتدع طريقة أكبر المعدلات لتوزيع المقاعد المتبقية.

ليست هناك تعليقات: